أرسل لى طبيب العيون د.حاتم أيمن توفيق رسالة مهمة عن كتاب من تأليف واحد كان إخوانياً، ثم خرج يكتب عن التجربة، يقول فى رسالته: قرأت كتاباً جيداً ومثيراً للقلق وهو أقرب إلى أفلام الرعب الأمريكية منه إلى كتب السير الشخصية وعنوانه: «يوماً ما كنت إسلامياً»، لكاتبه الصادق أحمد أبوخليل وفيه يشرح لنا المؤلف بصدق وإخلاص شديدين كل ما عجزنا عن فهمه من تصرفات الإسلاميين العجيبة طيلة الـ3 سنوات التى شاركوا فيها فى حكم مصر أو قل الـ40 عاماً التى شاركوا فيها فى تخريب العقل المصرى تخريباً ممنهجاً بدءاً من رفض الوقوف لتحية العلم وعجزهم عن إدراك مفهوم الوطن وتمجيد العنف إلى الدرجة التى يشبه فيها الكاتب شعوره بعد أول رصاصة أطلقها فى غزة بشعور المراهق بأول قبلة يتلقاها. ويوضح المؤلف أيضاً على استحياء شعور الإسلاميين بتفوقهم على المجتمع (يستخدم الكاتب لفظ تمايز بدلاً من تميز لتخفيف حدة شعور القارئ بدونيته مقارنة بالإسلاميين). ويفسر لنا الكتاب أيضاً أسباب ومقدمات الحالة العقلية التى وصلنا إليها والتى أدت إلى تكفير كاتبة لاعتراضها على تحويل الشوارع المصرية إلى حمامات دم فى مناسبات دينية معينة (برغم صدور فتوى من دار الإفتاء فى 25/9/2014 بتحريم ترك مخلفات الذبح فى الشوارع تحريماً قاطعاً واعتباره من السيئات العظام وهذا نص الفتوى وليس كلامى) وسط صمت مذهل ينم عن الرضا التام من جميع وسائل الإعلام بل ومن غالبية أفراد الشعب المعلقين على الخبر، مع أن المشهد ليس له أى دلالة دينية على الإطلاق بل على العكس يذكرنا بمأساوية مشهد اجتياح الصليبيين للقدس فى يوليو 1099 عندما وصل الدم للركب طبقاً لأحد شهود العيان المجهولين. عودة إلى الكتاب، فإن ما راعنى حقيقة هو ذلك التشابه المطلق بين آليات عمل تنظيم الإخوان وتنظيمات الشبيبة الهتلرية وبصرف النظر عن إطالة اللحى وحف الشوارب فى الحالة الإخوانية فالمنهج والتنظيم والفكر واحد فى الحالتين وأغلب الظن أنه فى الحالة الإخوانية منقول بالكربون من تجربة الشبيبة الهتلرية بدءاً من تجنيد المراهقين من سن 14 إلى 18 والتدقيق فى اختيار شخصيات معينة تدين بالولاء الكامل لقائدها لا تجادل ولا تناقش مروراً بالتنظيم الهيكلى الذى يبدأ أيضاً فى الحالة الهتلرية بالأسر الصغيرة الموزعة جغرافياً وتدريب الأطفال على العنف تدريباً شبه عسكرى فى معسكرات مغلقة وانتهاء بالإصرار فى الحالة الإخوانية (كما لاحظ كاتبنا) والحالة الهتلرية أيضاً على تقليص الجرعة الفكرية العقلية والتركيز على التنمية الجسمانية. ورغم أن الكتاب الذى كتب إبان عصر الاضمحلال الأخير (فترة حكم الإخوان) يتنبأ ضمناً وبذكاء شديد يحسد عليه الكاتب بصعوبة استمرار جماعة من مخلفات الحرب العالمية الثانية فى السيطرة على دولة بحجم مصر إلا أنه يطرح بين السطور (وهنا مكمن الخطر) روشتة العلاج للإسلاميين (اقتداءً بالحالة التركية) تتلخص فى الآتى: 1- محاولة تغيير الشكل أو المظهر الخارجى الذى ينفر أغلبية المصريين والاندماج فى المجتمع بصورة أكبر بدون أى تغيير حقيقى فى المنهج، فأفكار المؤلف ثابتة لا تتغير من أول لآخر صفحة فى الكتاب. 2- تقسيم الحركة الإسلامية إلى جزأين: الجزء الأول جزء سياسى لا يمت ظاهرياً للدين، والجزء الثانى جزء خيرى/تعليمى يتولى توجيه نتيجة أى انتخابات لصالح الجزء الأول بدون أن يشعر الناخب بأنه موجه لانتخاب إسلاميين. ونهاية، تحية إلى الكاتب لصدقه ووضوحه وأسلوبه الشيق وبرغم خلافنا التام معه، فإننا ندين له بالشكر، لأنه ينبهنا بدون أن يدرى أنه لا فارق بين حركة إسلامية وأخرى إلا فى بعض التفاصيل الدقيقة، مثل قصر استخدام بعض الألفاظ على الإخوان فقط دون غيرهم (يسوق الكاتب مثالاً استخدام الإخوان لجملة جزاك الله خيراً) إلا أن المحصلة النهائية للكتاب أن الإسلاميين على اختلاف توجهاتهم (إخوان - سلف - تبليغ - إسلاميين مستقلين) كلهم فى النهاية على قلب رجل واحد وقد تفلح الحالة الأمنية فى التخلص من متبنى العنف منهم، مثل الإخوان والجهاديين لكن الحل الأشمل لإعادة توجيه بقية الحركات الإسلامية المسالمة (ظاهرياً) يتمثل فى التعليم والثقافة لأن الحالة العقلية التى توهم البعض منهم أنهم ملاك الحقيقة المطلقة تؤدى بهم دائماً إلى انتهاج العنف فى النهاية، كما أشار أستاذنا مراد وهبة فى كتابه الشهير: التعليم هو الحل.